الإثارة تستمر في الموسم 3 لبرنامج فورمولا 1: درايڤ تو سيرڤايڤ على نتفليكس
فورمولا 1: درايڤ تو سيرڤايڤ هو مسلسل وثائقي استثنائي من إنتاج نتفليكس، فهذا البرنامج يأخذنا في جولة وراء كواليس عالم الفورمولا 1، ويرصد التفاصيل التي يشهدها كل موسم من مواسم بطولة الجائزة الكبرى للفورمولا 1، بما يتضمّنه من سباقات، وإحباطات، وانتصارات، ومناكفات، وحروب بين الفرق، وأحياناً بين سائقي الفريق الواحد.
ينجح البرنامج عاماً بعد عام في ترسيخ مكانته في عالم الفورمولا 1، فنلحظ حماسة السائقين ومدراء الفرق للحديث إلى نتفليكس تارة، ومحاولتهم تفادي الحديث أمام كاميرات البرنامج تجنباً لإفشاء الأسرار، نراهم يحيّون نتفليكس في الصباح، ثم يسبونها في وقت لاحق من اليوم، لكن الثابت أن إدارة الفورمولا 1 والفرق والسائقين ينتظرون الموسم الجديد من البرنامج على أحر من الجمر.
الفورمولا 1 رياضة مليئة بالتشويق والإثارة، وقودها الطموح والشغف، محورها الإنسان والآلة، وجوهرها الفوز والتفوّق، فهذا عالم غني بالتفاصيل الدقيقة، لا مكان فيه للتقاعس، فعلى كل فريق أن يعمل بتناغم شديد لتحقيق النجاح، أي خطأ من أي شخص ستكون عواقبه وخيمة على الفريق، وفي قلب كل ذلك نجد سائق الفورمولا 1، وهو الذي شبهه كريستيان هورنر، مدير فريد ريد بُل رايسنج، بأنه شخص ذو عقلية تكاد توازي عقلية الطيّار الحربي.
يتوجب على سائق الفورمولا 1 أن يتخذ العديد من القرارات خلال أجزاء من الثانية، وأن يراقب السيارات المنافسة، والتي تكون أحياناً على بعد مليمترات من سيارته بينما تسير هذه السيارات بسرعات جنونية تقارب حدود 350 كلم/ساعة، وعليه أن يتذكّر قوانين الرياضة لكي لا يكسرها وينال العقوبة، كم أن عليه أن يبقى على تواصل مع الفريق عبر الراديو للتنسيق فيما يتعلّق بالاستراتيجيات ووضع السيارة والسباق بشكل عام، وكل هذا بينما يقوم بالضغط على الأزرار الموجودة على عجلة القيادة، والتي يزيد عددها عن 15 زراً. تخيّل عزيزي القارئ الإمكانيات العقلية والجسدية لهذا الشخص، ونحن نقول الجسدية لإن على السائق تحمّل قوّة ضغط مهولة على جسده، وهي قوّة تتفاوت في مقدارها بالإعتماد على تسارع السيارة وتباطؤها، وكيفية عبورها للمنعطفات.
بالعودة إلى برنامج فورمولا 1: درايڤ تو سيرڤايڤ، يعود البرنامج في موسمه الثالث ليتتّبع موسم الفورمولا 1 لعام 2020، وهو أول موسم في ظل جائحة كورونا، حيث يأخذنا وراء كواليس سباق أستراليا، والذي شهد الكثير من الغموض حول إمكانية تنظيمه وفق المخطط لإنه تزامن مع بداية الجائحة، ويرصد البرنامج التوتر الذي خيّم على السائقين وجميع العاملين في الرياضة، هذا التأخير حفّز لويس هاميلتون على الإدلاء بتصريح قال فيه أن العامل المالي هو السبب في تردد المنظمين حول إلغاء السباق، حيث قال أن ”المال هو الملك“، أي أنه كل شيء.
ويسلّط البرنامج الضوء على عدد من السائقين، حيث يرينا العالم من عيون فالتيري بوتاس، وسعيه للخروج من عباءة هاميلتون كونه السائق الثاني في الفريق، وهو أمر تنفيه مرسيدس وتقول أن لا يوجد سائق أول وسائق ثاني في فريقها.
ويرصد البرنامج المناكفات التي شهدها فريق سكودريا فيراري بين سائقيه سيبستيان فيتل وتشارلز لوكليرك، والضرر الذي تسببت به هذه المناكفات للفريق، بحيث اضطر فريق فيراري للتخلي عن فيتيل في وقت باكر من الموسم. ويتناول البرنامج أيضاً التحوّل الذي شهدته العلاقة الودية بين سائقي فريق ماكلارين، كارلوس ساينز ولاندو نوريس، وذلك بعد قرار ساينز الانتقال إلى فيراري، كما يرصد التوتّر داخل فريق هاس والأخطاء القاتلة لسائقيه، الأمر الذي دفع بهما خارج البطولة في نهاية الموسم.
ويقدّم البرنامج مقارنة بين بيير غاسلي وآليكس ألبون، فيتتّبع البرنامج محاولات غاسلي اثبات جدارته للتأكيد على أن فريق ريد بُل رايسنج قد أخطأ عندما قرر استبداله بألبون، وفي نفس الوقت، يرصد البرنامج سوء الحظ الذي أحاط بألبون والاخفاقات التي واكبت مسيرته مع الفريق، مما تسبب بخروجه من البطولة بعد عدم تمكّنه من ضمان مقعد مع أي فريق.
ويخصص البرنامج حلقة للحادث المخيف الذي تعرض له رومان غروجان، والذي تم تصويره بأسلوب يحاكي أفلام هوليوود، لكن الفرق هو أن هذه أحداث حقيقة 100٪.
من الملاحظ عدم وجود تغطية كافية للاخفاق الكبير الذي شهده فريق مرسيدس في أحد سباقات البحرين، حيث قام العاملون في الفريق بتبديل إطارات بوتاس وجورج راسل، مما كلف الفريق فوزاً شبه مؤكداً، كما نلاحظ عدم ظهور السائق البريطاني الواعد راسل في البرنامج، وهو أمر غريب.
بالنسبة لي فإن هذا الموسم من البرنامج كان رائعاً كباقي المواسم التي سبقته، ولعل ما زاد من الإثارة هو أن موسم الفورمولا 1 لعام 2020 شهد الكثير من التشويق والحوادث والحروب السياسية، لعل أهمها معضلة ”المرسيدس الوردية“، والتي جرى تسليط الضوء عليها بشدة خلال الموسم الثالث للبرنامج، حيث اعترضت الكثير من الفريق على تصميم سيارة فريق رايسنج بوينت، والتي يرى الكثيرون أنها نسخة طبق الأصل عن سيارة فريق مرسيدس، والتي سيطرت على البطولة في موسم 2019.
أنا شخصياً أتطلّع بشوق من الآن للموسم الرابع لبرنامج فورمولا 1: درايڤ تو سيرڤايڤ.